الكل أخذ حقه بالكلام

الكل أخذ حقه بالكلام

بعد فترة طويلة من حظر التجمعات المباشرة في مركز التلاقي والحوار AWiS­TA في فريدينبيرغ بسبب كورونا انعقدت أخيراً أولى الأنشطة المفتوحة والمباشرة وكانت جلسة الحوار تلك لها خصوصية كبيرة. أعدت لجولة الحوار تلك كل من غولتشان ديا، من مركز AWiS­TA وهايكه روت الموظفة لدى الجمعية الألمانية. جمعت تلك الجلسة بين لاجئين ومجموعة من سكان المنطقة القدامى والمسنين. وكان موضوع الحوار هو „الهجرة واللجوء“، وإن لم يكن واضحاً للوهلة الأولى فإن هذا الموضوع يجمع بين البشر في زالتسغيتر أكثر بكثير مما قد يتصوره المرء. تحدث في الجلسة الزوجان السوريان أ. عن طريقهما في الهرب واللجوء إلى ألمانيا. تحدثا عن أسابيع انتابهما فيها القلق والخوف بسبب فصلهما عن بعضهما البعض، إذ كانت الزوجة قد وصلت تركيا بينما كان الزوج قد اعتقل على الجهة السورية من الحدود وأودع السجن. ثم تحدثا عن الطريق الطويل من سوريا وحتى ألمانيا والذي قطعاه سيراً على الأقدام أو بواسطة القارب أو القطار. ولم ينسيا ذكر القسوة التي عاملتهما فيها الشرطة في مراحل من هذا الطريق. إلا أن هدف الوصول إلى ألمانيا كان نصب أعينهما، وقد كان أقارب لهما قد بلغا زالتسغيتر من قبل.

قصة هجرة اللجوء للوافدين الجدد أعادت للمسنّات اللاتي شاركن في الجلسة ذكريات طفولتهن. وهكذا تحدثت السيدة F عن معاناتها مع الهرب من غلايفيتس، بواسطة عربة يجرها حصان أو في مقطورة مخصصة لنقل الماشية، وكل ذلك حتى لا تتفرق العائلة. وتذكرت حجم المعاناة التي واجهتها النساء آنذاك وكم كان على الأطفال تحمله من عذاب، بينما كان الرجال في الأسر. كلها ذكريات مؤلمة تحرك المشاعر لدى السيدة F التي تتذكر أيضاً صعوبة الاستقرار في مكان غريب والشعور بأنه الوطن الجديد، إذ تم شتم اللاجئين القادمين من الشرق آنذاك باعتبارهم غرباء ومختلفين.

الانجذاب والانسجام ضروريان لتحقيق العيش المشترك، كما تقول السيدتان V وD. وكانت السيدة V البريطانية قد أحبت أسير حرب ألمانياً وأسست معه عائلة في بلدتها البريطانية. ولاحقاً أتت معه ومع الأسرة إلى ألمانيا. أما السيدة D فتقول ضاحكة إنها لم تعرّف أسرتها على زوجها اللبناني إلا بعد إتمام زواجهما، إذ أن والديها لم يكونا ليقبلان أن تتزوج من أجنبي. وها هو زواجهما مستمر منذ 27 عاما. وتقول السيدة V إن الاستقرار والشعور بالاندماج في ألمانيا لم يكن سهلاً بالنسبة إليها، خاصة بسبب اختلاف اللغة. ولذا كان مفيداً أنها عثرت على صديقة تتكلم الإنجليزية. ولم تعد السيدة C من فريق AWiS­TA غريبة هنا في الأثناء. تنحدر السيدة C من تركيا وجاءت قبل 10 سنوات إلى زالتسغيتر ولم تكن تتكلم اللغة الألمانية آنذاك. وفي الأثناء لم يعد لديها أي صعوبة في التواصل مع أي شخص. „ما يحتاجه المرء للتواصل هو الثقة بالنفس“ وهو ما لم يكن متوفراً عندها في البداية. وتحدث ضيف آخر في الجلسة عن الصعوبات التي واجهته أثناء تعلم اللغة الألمانية. لكن السيد A تجدث باللغة العربية وعندها احتد الموقف وكان لا بد من ترجمة لما يقول. قال السيد A إنه من الصعب تعلم اللغة الألمانية إلى جانب العمل. إلا أن حالة من التوافق سادت في الجلسة، بأنه من المهم تعلم اللغة الألمانية للتمكن من المشاركة الفعالة في الحياة اليومية، ومنها على سبيل المثال لمشاركة في اجتماعات أولياء الأمور لأطفال المدارس. واتفق الجميع أنه لا يفترض بالكل أن يتكلم لغة ألمانية بدون أخطاء، بل إن المهم أن يظهر المرء حسن النية والاستعداد لبذل جهد على هذا الطريق. هنا أشارت مديرة AWiS­TA السيدة بيرغيت هاينيك إلى دورات مختلفة تنظمها مؤسستها لتعليم اللغة الألمانية. وبقي الحاضرون يصرون على نصح السيد A إلى أن سجل نفسه في مجموعة للرجال يتبادلون الحديث فيها باللغة الألمانية بهدف تحسين قدراته اللغوية. وقالت السيدة H بأن الطبيعة الإنسانية لا تريد تغيير المألوف في البداية، وتكون متشككة في كل ما هو جديد أو غريب عليها. وهو ما يجب، حسب رأيها تجاوزه، وقالت إنه لا بد أن نكرر على أنفسنا بأنه من المجدي أن نقبل على بعضنا البعض وأن نستمع لبعضنا البعض، كما حصل في جولة الحوار (اليوم)، إذ حيث حصل كل فرد على فرصة الكلام وتقابل الجميع على قدم المساواة.